مصر توقع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية.
في يوم السبت الموافق 25 أكتوبر 2025، وقعت مصر على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية خلال فعاليات المؤتمر الذي استضافته العاصمة الفيتنامية هانوي. وتعتبر هذه الاتفاقية أول إطار قانوني دولي شامل لمواجهة التهديدات الإلكترونية والجريمة العابرة للحدود في الفضاء الرقمي، حيث تم اعتمادها من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 ديسمبر 2024 بموجب القرار رقم 79/243.
وقع على الاتفاقية أكثر من 60 دولة، وتهدف إلى تعزيز التدابير الرامية لمنع ومكافحة الجريمة السيبرانية بكفاءة وفعالية أكبر، وخاصة فيما يتعلق بتبادل الأدلة الإلكترونية، كما تشجع على التعاون الدولي في هذا المجال وتيسير المساعدة التقنية وبناء القدرات، خصوصًا لصالح الدول النامية.
تتكون الاتفاقية من ديباجة وتسعة فصول تشمل الأحكام العامة، والتجريم، والاختصاص القضائي، والتدابير الإجرائية، والتعاون الدولي، والتدابير الوقائية، والمساعدة التقنية، وتبادل المعلومات، وآلية التنفيذ، والأحكام الختامية، ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ بعد مرور 90 يومًا من تصديق 40 دولة عليها.
تأتي مشاركة مصر في مراسم التوقيع تتويجًا لدورها الفاعل والمحوري خلال مرحلة التفاوض على نص الاتفاقية منذ عام 2021، حيث شاركت فيها وزارتي الخارجية والعدل وعدد من الجهات الوطنية، بما في ذلك هيئة الرقابة الإدارية والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات. ويؤكد توقيع مصر على هذه الاتفاقية التزامها بدعم الجهود الدولية لمكافحة الجريمة السيبرانية وحماية البنية التحتية المعلوماتية الوطنية.
ضم الوفد المصري المشارك ممثلين عن عدد من الوزارات والجهات المعنية، بما في ذلك وزارات العدل والداخلية والخارجية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إلى جانب ممثلين للنيابة العامة وهيئة الرقابة الإدارية والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.
وخلال مراسم التوقيع، ألقى الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، كلمة مصر حيث نقل أسمى آيات تقدير فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي لاستضافة جمهورية فيتنام الاشتراكية لهذا المحفل المهم، مشيدًا بعلاقات التعاون الممتدة بين البلدين. كما أكد الدكتور طلعت على اعتزاز مصر بعلاقاتها الدبلوماسية مع فيتنام، والتي تُوجت هذا العام بالارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الشاملة، معربًا عن تقديره لحسن الاستقبال وكرم الضيافة.
وأضاف الدكتور طلعت أن هذا المحفل التاريخي يمثل خطوة فارقة نحو ترسيخ نظام عالمي أكثر أمانًا وعدالة في الفضاء الرقمي، ويعكس التزام المجتمع الدولي بالمضي قدمًا في تعزيز التعاون متعدد الأطراف. كما أشار إلى أهمية تكنولوجيا المعلومات وخوارزميات الذكاء الاصطناعي في العصر الرقمي.
وأوضح الدكتور طلعت أن مصر تؤمن بضرورة أن تمتد يد العدالة إلى الفضاء السيبراني، تأصيلًا لمبدأ سيادة القانون في كل زمان ومكان، سواء في العالم الواقعي أو الافتراضي. كما أشار إلى أن خبرات مصر كان لها أثر بنّاء في إثراء النقاشات الأممية، حيث قدمت نموذجًا متكاملاً تسترشد به الدول في بناء منظوماتها الوطنية، موضحًا أن الاتفاقية ترسي إطارًا محكمًا للتعاون القضائي وتفتح مسارات لتبادل الأدلة الإلكترونية والمساعدة القانونية عبر الحدود.
وأكد الدكتور طلعت أن مصر عملت على مدار العقدين الماضيين على بناء منظومة متكاملة لحماية فضائها الرقمي، تتكامل فيها الأطر التشريعية مع المؤسسات القضائية وأجهزة إنفاذ القانون، في إطار رؤية بناء "مصر الرقمية" التي تسعى إلى خلق مجتمع آمن وشامل ومستدام.
كما دعا الدكتور طلعت الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية للمشاركة في المؤتمر الدولي الذي تستضيفه القاهرة خلال الأشهر المقبلة، ليكون من أوائل المنصات المعنية بمناقشة تنفيذ الاتفاقية وتحويل نصوصها إلى سياسات وآليات تعاون وشراكات.
في ختام كلمته، أكد الدكتور عمرو طلعت أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية تمثل جسرًا إلى مرحلة جديدة من العمل المشترك، وتجسد الإرادة الجماعية للدول لصون الأمن الرقمي العالمي من خلال أداة قانونية دولية هي الأولى من نوعها في إطار متعدد الأطراف، مشددًا على أن الأمن الرقمي هو مسؤولية مشتركة وأمن للإنسانية جمعاء.

