مصر تمتلك مقومات التقدم في عالم متغير.
الخميس 13 نوفمبر 2025 – 10:18 ص
أكد الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة ورئيس فريق الخبراء المكلف بتقديم حلول لأزمة الدين العالمية، أن مصر تمتلك مقومات قوية لتحقيق التقدم، وذلك بفضل زخمها البشري وتنوعها الاقتصادي. وأشار إلى أهمية التعلم من التجارب الناجحة للدول الأخرى، مثل دول مجموعة الآسيان، مع ضرورة الالتزام بالتراكم عبر الزمن والاستمرارية.
جاءت هذه التصريحات خلال محاضرة ألقاها بمقر المجمع العلمي المصري تحت عنوان "فرص وتحديات التقدم والاستدامة في عالم شديد التغير"، بحضور الدكتور فاروق إسماعيل، رئيس المجمع، والدكتور سعد نصار، نائب رئيس المجمع، والدكتور محمد الشرنوبي، أمين عام المجمع، بالإضافة إلى عدد من الوزراء السابقين والمختصين والأكاديميين.
وأوضح محيي الدين أن تحقيق التقدم يتطلب استدعاء الماضي وفهمه، بالإضافة إلى إدراك الواقع وآلياته واستشراف المستقبل. وأشار إلى أهمية تتبع مركز الثقل الاقتصادي العالمي الذي انتقل من الشرق، حيث كانت الصين والهند قبل الثورة الصناعية الأولى، إلى الغرب بين الولايات المتحدة وأوروبا، ثم عاد مرة أخرى نحو الشرق.
كما لفت إلى أهمية تتبع حركة شرائح الدخل كأحد مؤشرات التقدم، مشيرًا إلى نجاح الصين والهند في القضاء على الفقر المدقع، مما أدى إلى تحسن مستوى الفئات الأقل دخلًا وزيادة حجم الطبقة الوسطى. وفي الوقت نفسه، تراجع مستوى الطبقة الوسطى في أوروبا والولايات المتحدة بعد الأزمة المالية عام 2008، مما أدى إلى احتقان سياسي وتجدد التيارات اليمينية والشعبوية.
وأشار محيي الدين إلى أن العالم يتجه نحو الشرق، حيث التجارب الناجحة للنمو الاقتصادي والتنمية، مما قد يؤدي إلى زيادة احتمالات الصراع مع عدم قبول الغرب لمنح مساحة للشرق في مجال التقدم والازدهار. وأوضح أن هذه التحولات أدت إلى تصاعد الأزمات والصراعات الجيوسياسية، مما يتطلب من الدول سرعة التكيف مع هذه التغيرات لتحقيق النمو والتنمية.
وأضاف أن تحقيق التقدم يواجه عددًا من التحديات، مثل التحولات الديمغرافية وسرعة التحضر، بالإضافة إلى الأزمات المتعلقة بالتغير المناخي والنزوح والصراعات على الموارد. وأكد على ضرورة مواجهة هذه التحديات لتحقيق التنمية المستدامة.
في سياق متصل، أكد محيي الدين أن التحول الأخضر والتحول الرقمي هما جناحا التقدم والتنمية، مع أهمية تعزيز العمل التنموي الإقليمي وتوطين التنمية من خلال الاستثمار في البشر وتعزيز خدمات الصحة والتعليم ومواكبة التطورات التكنولوجية. وأشار إلى أن مبادرة "حياة كريمة" في مصر تعد من المبادرات البارزة في هذا المجال، لكنها تحتاج إلى مزيد من الدعم والتمويل لإحداث النقلة المطلوبة.
كما أشار إلى قدرة مصر على تحقيق التنمية إذا تم استغلال الزخم السكاني والتنوع الاقتصادي بشكل أمثل، مع التركيز على التحول الرقمي والاستثمار في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. وذكر أن اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي بملف التكنولوجيا، والذي تجلى في لقاءاته مع كبرى شركات التكنولوجيا العالمية، قد يمثل نقطة انطلاق للنقلة التكنولوجية المطلوبة في مصر.
اختتمت المحاضرة بنقاش مثمر بين الدكتور محمود محيي الدين والحضور، حيث تناول المشاركون التحديات التي تواجه الدول في سبيل التقدم، ودور بعض التكتلات الدولية في المشهد الاقتصادي العالمي، مثل مجموعة "بريكس"، بالإضافة إلى مفهوم توطين التنمية والتحديات التي تواجه مصر لتحقيق التنمية المستدامة، مما قد يضعها في مكانة متميزة بين الدول المتقدمة.

