افتتاح جلسة استخدام الذكاء الاصطناعي في المراجعة المالية.
في يوم الخميس الموافق 30 أكتوبر 2025، افتتح المستشار محمد الفيصل يوسف، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ورئيس منظمة الإنتوساي، الجلسة العامة التي تناولت موضوع استخدام الذكاء الاصطناعي في أعمال المراجعة، وذلك في اليوم الثاني من المؤتمر الخامس والعشرين للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الإنتوساي). وقد تم اختيار هذا الموضوع تقديرًا لأبعاده الاستراتيجية ودوره المتزايد في تطوير العمل الرقابي وتعزيز تأثيره على إدارة المال العام، حيث تتولى مصر رئاسة هذا المحور.
وأكد المستشار محمد الفيصل في كلمته الافتتاحية أن اختيار هذا الموضوع جاء بالتنسيق مع الأمانة العامة للإنتوساي، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة رئيسة لتحسين كفاءة المؤسسات وشفافيتها. ولفت إلى أن الأجهزة العليا للرقابة تواجه اليوم مسؤولية تاريخية تتطلب إعادة ابتكار منهجيات المراجعة، وذلك للاستفادة من قدرات التحليل المتقدم وأتمتة الإجراءات، مع الحفاظ على القيم الأساسية للمهنة مثل النزاهة والاستقلالية والمساءلة.
شراكة بين الذكاء الاصطناعي والمراجعين البشريين.
وأوضح رئيس الإنتوساي أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل المراجع البشري، بل يجب أن يكون شريكًا مساندًا يوسع من نطاق الرصد والتحليل ويكشف الأنماط الخفية. ودعا إلى تبني نموذج هجين يجمع بين خوارزميات الذكاء الاصطناعي وخبرة المراجع البشري، لضمان التفسير السليم للنتائج وثبات معايير العدالة والشفافية.
كما طرح المستشار محمد الفيصل يوسف إطارًا متكاملًا للعمل الرقابي باستخدام الذكاء الاصطناعي، والذي يتضمن ستة محاور رئيسة تشمل وضع سياسات واضحة تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي وفق مبادئ النزاهة وحماية الخصوصية، وتعزيز سيادة البيانات وبناء مستودعات آمنة قابلة للتكامل مع الجهات الخاضعة للرقابة. بالإضافة إلى ذلك، يتضمن الإطار إدماج تقنيات التعلم الآلي والتحليلات التنبؤية في جميع مراحل المراجعة، وإعداد برامج تدريبية متخصصة للمراجعين تجمع بين الكفاءة المهنية والمهارات الرقمية، واعتماد ضوابط دقيقة لتقييم نماذج الذكاء الاصطناعي ومراجعة أدائها بشكل دوري، ودعم منصات تشاركية داخل مجتمع الإنتوساي لتبادل الأدوات والممارسات الفضلى.
تجارب عالمية في استخدام الذكاء الاصطناعي.
كما شهدت الجلسة استعراض تجارب دول مختلفة في هذا المجال، حيث قدمت المملكة المتحدة تجربتها في استخدام التقنيات الذكية لاكتشاف الأنماط الشاذة في التدقيق المالي، بينما عرضت الهند نموذجًا متطورًا لتقييم الأداء الحكومي باستخدام الذكاء الاصطناعي. من جهة أخرى، ركزت النرويج على إدراج الذكاء الاصطناعي كموضوع للرقابة ضمن أطر الحوكمة والشفافية، واستعرضت كينيا تجربتها في بناء القدرات وتحسين جودة البيانات، بينما قدمت المملكة العربية السعودية تطبيقات عملية ناجحة لدمج الذكاء الاصطناعي في بيئات العمل الرقابي.
واختتم رئيس الإنتوساي كلمته بالتأكيد على أن ما تم استعراضه يعكس رؤية عالمية مشتركة ترى في الذكاء الاصطناعي ركيزة لتطوير المراجعة العامة وتحقيق حوكمة أكثر انفتاحًا وموثوقية. كما وجه الشكر لجميع المشاركين والمتحدثين على إسهاماتهم المعرفية التي أغنت النقاش وأسست لأرضية مشتركة يمكن البناء عليها في المستقبل، مع تخصيص الشكر للسيد كارل إيريك بيدرسون على إدارته المتميزة للجلسة النقاشية.

