اجتماعات مجلس إدارة منظمة IOSCO في مدريد.
شارك الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية ونائب رئيس مجلس إدارة المنظمة الدولية لهيئات الرقابة على أسواق المال (IOSCO)، في اجتماعات مجلس إدارة المنظمة التي عُقدت في العاصمة الإسبانية مدريد خلال الفترة من 27 إلى 28 أكتوبر 2025. تأتي هذه المشاركة في إطار الدور المحوري الذي تلعبه الهيئة العامة للرقابة المالية، حيث تُعتبر الهيئة مرجعية عالمية هامة في وضع المعايير التنظيمية والإشرافية لأسواق المال، وتعزيز كفاءتها ونزاهتها، بالإضافة إلى حماية المستثمرين ودعم جهود التنسيق بين الهيئات الرقابية لمواجهة المخاطر الناشئة التي قد تؤثر على استقرار الأسواق المالية العالمية.
تسعى الهيئة العامة للرقابة المالية من خلال هذه المشاركة إلى تعزيز التواصل مع المجتمع الرقابي الدولي والمساهمة الفعالة في صياغة السياسات والمعايير الدولية التي تسهم في تحقيق الشفافية والعدالة والاستدامة في الأسواق المالية. وناقشت الاجتماعات عدة موضوعات محورية، منها متابعة تنفيذ خطة العمل الخاصة بتعزيز الاستقرار المالي العالمي، وبحث التطورات التنظيمية المتعلقة بالتكنولوجيا المالية والتمويل المستدام، بالإضافة إلى مناقشة مستجدات التعاون الدولي في تبادل الخبرات والمعلومات بين الهيئات الرقابية.
أكد الدكتور محمد فريد على أهمية تنمية القدرات البشرية كركيزة أساسية لتطوير الأسواق المالية وتعزيز تنافسيتها، مشيرًا إلى أن الصناعات المالية تعتمد بشكل كبير على الكفاءات البشرية المتميزة التي تمثل العنصر الأهم في تحقيق التقدم والاستدامة. وشدد على أن الاستثمار في العنصر البشري من خلال التدريب المستمر وصقل المهارات هو السبيل الأمثل لضمان تطور الأسواق وقدرتها على مواكبة المتغيرات العالمية المتسارعة.
كما أشار إلى أن بناء القدرات المؤسسية والفنية للعاملين في القطاع المالي يسهم في رفع كفاءة الأداء التنظيمي والرقابي، ويدعم جهود التحول نحو بيئة مالية أكثر مرونة واستقرارًا، مما يعزز ثقة المستثمرين ويحفز النمو الاقتصادي. وفي هذا السياق، أوضح نائب رئيس مجلس إدارة المنظمة أن تطوير البنية التكنولوجية للجهات الرقابية أصبح ضرورة استراتيجية لا غنى عنها، في ظل التطور السريع للأسواق المالية والتوسع في استخدام التكنولوجيا المالية.
شدد الدكتور فريد على ضرورة مواكبة الجهات الرقابية لهذا التطور من خلال تحديث أدواتها وأنظمتها التقنية، بما يمكنها من أداء دورها الإشرافي بكفاءة وفاعلية. كما أشار إلى أهمية التحول الرقمي في الرقابة، من خلال تبني حلول الرقابة والتنظيم المدعومة بالتكنولوجيا (RegTech) و(SupTech)، مما يعزز كفاءة المتابعة والرصد الفوري للمخاطر، ويحسن جودة البيانات.
وفي سياق متصل، تناول الدكتور محمد فريد أهمية مواكبة التطور التقني عبر تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل المؤسسي، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل أحد أهم التحولات المستقبلية في عمل الجهات الرقابية، وأصبح ضرورة في ظل الطفرة التقنية التي تشهدها الأسواق المالية عالميًا. وأوضح أن تبني هذه التقنيات يتيح للجهات الرقابية قدرات متقدمة في تحليل البيانات الضخمة ورصد الأنماط غير الاعتيادية، مما يعزز من قدرتها على حماية الأسواق والمتعاملين.
كما دعا إلى تبني الذكاء الاصطناعي بروح من الانفتاح والتواضع، مع الإقرار بأن رحلة التعلم والتطوير في هذا المجال ستكون مستمرة ومتجددة مع تطور التكنولوجيا ذاتها. يُعتبر الحضور المصري الفاعل في مثل هذه المحافل انعكاسًا لالتزام الدولة المصرية بتعزيز مكانتها على الساحة المالية الدولية، وتأكيدًا لدورها الإيجابي في دعم الجهود الرامية إلى تطوير أسواق المال العالمية وجعلها أكثر استقرارًا وجاذبية للاستثمار.

